مفاهيم خاطئة عن السلامة الرقمية
رغم زيادة أعداد المستخدمين/ات المهتمين/ات بمعرفة ما تعنيه السلامة الرقمية، والإجراءات اللازمة لحماية نسخة حياتهم الرقمية من خلال حماية أمن وخصوصية البيانات الخاصة بهم/ن، إلا أنه لم يتحول لسلوك عام عند أغلب المستخدمين، حتى الآن نصادف حالات وقعت ضحايا لتهديدات رقمية متنوعة عبر طرق ووسائل بسيطة لم يحتج المهاجمين فيها إلى أي خبرات تقنية معقدة.
يرجع ذلك بالأساس للمفاهيم الخاطئة حول السلامة الرقمية، مثل تصور البعض أن البرامج وحدها قادرة على حمايتهم/ن من التهديدات الرقمية المختلفة، متجاهلين/ات العنصر البشري والسلوكيات الشخصية.
كما يظن عددُا كبيرًا من المستخدمين أن الحفاظ على خصوصيتهم/ن وأمانهم/ن الرقمي يستلزم معرفة تقنية معقدة أو أنه فقط للأشخاص التقنيين والتقنيات وأنها مفاهيم لا تخص المستخدم العادي أو أنها من مستوى صعوبة لن يقدر على القيام به.
فكرة خاطئة أخرى ما زالت شائعة بقدر كبير، هي اعتقاد البعض إن هناك قدر من الأهمية يجب أن يتوافر في الشخص حتى يتم استهدافه من المهاجمين الرقميين المختلفين، يعبر عن هذه الفكرة بأسئلة وجمل مثل "لماذا قد يتم استهدافي؟"، "ليس لدي ما أخفيه"، "لماذا سيرغب المهاجمين في الاستيلاء على بياناتي أو أجهزتي؟"، علينا أولا أن نعلم أن البيانات هي جزء كبير من الثروة في عالم اليوم، يستفيد المهاجمين من البيانات التي يستولون عليها بطرق متعددة، منها مثلا بيعها، أو الاستفادة من الحسابات الرقمية المختلفة في هجمات أوسع على قوائم الأصدقاء والمتابعين، وبعيدا عن المهاجمين تقوم الشركات المقدمة للخدمات الرقمية المختلفة بجمع بيانات مستخدميها لبيعها للمعلنين، أمثلة لا حصر لها يمكن الاستفادة خلالها من عمليات الاستيلاء على الممتلكات الرقمية أو إتلافها أو التلاعب بها.
بالتالي توجد الكثير من المعلومات عنك وعن حياتك الشخصية والكثير من المعلومات الحساسة التي قد لا تعرف أنها موجودة عنك على الإنترنت أو على الأجهزة الشخصية الخاصة، فعلى سبيل المثال تعرف مواقع التواصل الإجتماعي حالتك الإجتماعية الحقيقية حتى وإن لم تفصح عنها، وجميع علاقاتك الإجتماعية حتى غير الموجودة على الإنترنت، كما تعرف حالتك المادية بشكل دقيق بدون إدخال أي معلومات خاصة بذلك وكذلك تفضيلاتك الشرائية. بالطبع تستغل الشركات مثل هذه البيانات في عمليات البيع الإلكتروني وإظهار الإعلانات مما يمثل تهديدًا صريحًا لخصوصية المستخدم.
ماذا لو قام أحد المخترقين بنشر بيانات حساباتك الإلكترونية و أجهزتك الشخصية لكل من حولك؟
هل سيشعر أحد بالراحة عند نشر كافة معلوماته الشخصية الإجتماعية والمالية والوظيفية وحتى الأماكن يتردد عليها؟
أيضا يظن البعض إن الخصوصية الرقمية والأمان هما نفس الشئ، وهذا أيضًا مفهوم شائع خاطئ، حيث أن الخصوصية تعني أن بيانات الأفراد والمجموعات وتعاملاتهم وتاريخهم على الإنترنت ملكهم فقط وأن مشاركتهم لها في الفضاء الإلكتروني يجب أن تكون عن طريق قرار واع وحر، يتضمن الحق في خصوصية البيانات القدرة على مسحها في حال أردنا ذلك، يسمى ذلك “الحق في أن تُنسى”، في أغلب الأحوال لا تمحى بيناتنا من المواقع حتى بعد مسحها، الوضع الآن يتطور لإعطاء المستخدمين القدرة على محو شخصيتهم الرقمية المرتبطة بالمواقع والتطبيقات المختلفة، نتيجة سياسات الخصوصية التي تتبناها بعض الحكومات لحماية مواطنيها مثل اللائحة العامة لحماية البيانات GDPR والذي يختص بحماية البيانات والخصوصية لسكان الاتحاد الأوروبي.
أما الأمان الرقمي فهو معني بالأساس بحماية البيانات والأجهزة من الولوج غير المسموح به أو السيطرة على البيانات أو الأجهزة عن طريق أفراد أو برمجيات غير مصرح لها
هنا يظهر أن الخصوصية تختلف عن الأمان الرقمي برغم تقاطع المبدأين في الكثير من الأحيان، تعتبر الخصوصية مبدأ أعم من مجرد تأمين البيانات حيث يتجاوز مفهوم الخصوصية مفاهيم حماية البيانات ليشمل مفاهيم ملكية أصحابها لها أيا ما كانت وسيلة تداولها.
لذلك فنحن نتبنى مفهوما أشمل في ما يخص حمايتنا في الامتداد الرقمي لشخصياتنا وهو السلامة الرقمية
نود أن نذكركم أنه لا يوجد خلطة سحرية ستحمينا 100%، تعتبر هذه أسطورة في عالم السلامة الرقمية، وأن الحفاظ على السلامة والأمن الرقمي هي عملية مستمرة وتتطور مع الوقت والممارسة، وتحتاج لمنحها وقتا ومجهودًا.